هل إلى خروج من سبيل بمسرح ليبي جديد
هل إلى خروج من سبيل بمسرح ليبي جديد
ⵉⴰⵣⵄⴰ ⴷⵉⵙ ⴰⴱⵔⵉⴷ ⵍⵉⵄⴰⵖ ⴰⵎⵣⴳⵓⵏ ⴷⵍⵉⴱⵉ ⴷⴰⵜⵔⴰⵔ
يازعما ديس ابريد لئيفاغ أمزقون دليبي داترار
فتحي سالم أبوزخار
ammas alibi I tizrawin n tmazivt
المركز الليبي للدراسات الأمازيغية
مقدمة تاريخية:
جرى التقليد بمسرح سارة برنار بباريس بإتاحة الفرصة أمام العروض المسرحية والثقافية العالمية واستمرت هذه العادة بافتتاح ذلك الحدث بتاريخ 27 مارس.
في سنة 1948 أسست منظمة اليونسكو المعهد الدولي للمسرح مع مسرحيين عالمين، وبات عند هذا المعهد فروع تصل إلى مئة فرع موزعه على العالم. إلا أنه خلال المؤتمر الدولي التاسع للمعهد، في سنة 1961 ، تقدم رئيس المعهد وبتكليف للمركز الفنلندي بمقترح يقول فيه بأنه سيكون 27 مارس اليوم العالمي للمسرح في العام القادم 1962.
وحيث أن عمر المسرح في ليبيا قد يرجع إلى ما قبل الميلاد حسب ما يذكره الكاتب خالد الرفاعي (1) فبالتأكيد قد مر بعدة حقب ما بين الانتعاش والركود، بل لا نبالغ لو قلنا بأن المسرح الليبي عاش أحيانا في سبات عميق غيبه عن مشهد الحياة بتفاعلاتها السياسية و الاقتصادية وانفعالاتها الاجتماعية والثقافية.
_______________
(1) خالد الرفاعي، ” المسرح في ليبيا.. تأسيس عريق وحاضر راكد”، العين الأخبارية، 8 أبريل 2016.
قبل الاسترسال في عرض ورقة المركز بشأن المسرح الليبي وعلاقة بالأمازيغية نود أن نشد انتباه القراء والمشاركين في الندوة بأننا بصدد البحث في تاريخ المسرح أكثر منه في أدب المسرح. ولتوضيح ذلك فربما سيكون من المناسب عرض ما ذكره السيد الصيد أبوديب بالخصوص حيث قال بأن هناك من ” يخلطون بين دراسة تاريخ المسرح ودراسة أدب المسرح رغم الوشائج الوثيقة التي تربط بينهما فالدراسة الأولى معنية بسرد الأحداث التي مر بها المسرح وتصنيف مراحله وتوثيق فترات خموده وتطوره وتدوين مسير إعلامه وشخصياته في حين أن الدراسة الثانية تعالج النص المسرحي النثري والشعري.” (1). مع كل ما تقدم يظل السؤال الملح والذي يحتاج إلى إجابة صريحة وواضحة: هل إلى خروج من سبيل بمسرح ليبي جديد؟
أحياء اليوم العالمي للمسرح:
لقد تم أحياء السنة الماضية لليوم العالمي للمسرح باستذكار الراحل فرج عبدالسلام قناو (1942 – 1995) بدار الفقيه بطرابلس أما في مدينة مصراته فكان استذكار الشهيد حسن المغشوش بعقد دورة تدريبية وعرض مسرحية “الشرطي” لعادل أبوليفة (2). ويسعى المركز الليبي للدراسات الأمازيغية للإجابة عن سؤال اتخذه عنوانا للورقة: “هل إلى خروج من سبيل بمسرح ليبي جديد؟ ” وذلك بأحياء اليوم العالمي للمسرح هذه السنة بمراجعة تاريخية للمسرح الليبي، وتحقيق هدف محاولة الوقوف عند محطات هامة وبارزة في تاريخ المسرح الليبي القديم والحديث المعاصر. ففي إطاره العمومي فربما ما يستعرضه الكاتب الرفاعي(3) يكون مناسب كلمحة تاريخية للمسرح الليبي. أما ما نشره السيد آدهم المسلماني على صفحة فرقة هواة التمثيل درنة للتمثيل من مقالة للدكتور حسن قرفال (4) فتلك جامعة
_______________
(1) الصيد أبوديب، ” الأدب المسرحي في ليبيا”، بلد الطيوب، نشرت في طيوب المقالة، 10 نوفمبر، 2012 .
(2) ( )، “المسرح في ليبيا: استذكار راحلين”، العربي الجديد، طرابلس، 27 مارس 2017.
( 3) مصدر سابق
(4) حسن قرفال، “المسرح في ليبيا بدأ 1908 “، منتدى الثقافة العامة ، إشراف أدهم المسلماني، فرقة هواة التمثل درنه، 3 أكتوبر 2009 .
وشاملة وأيضا مقتضبة لتاريخ المسرح الليبي المعاصر حيث يلمح فيه بتسليط الضوء منذ عام 1908 على أبرز الأحداث بما فيها حقبة النظام السابق.
قد يكون المرجع الوحيد الذي تضمن بالتفصيل مسيرة المسرح الليبي المعاصر هو كتاب الأستاذ/ عبدالحميد المجراب (1) المعنون بـ : “المسرح الليبي في نصف قرن ..1928 – 1978″، والذي جمع فيه الكاتب بين السرد التاريخي للمسرح الحديث خلال نصف قرن وكذلك أدب المسرح بل وتعدى ذلك إلى تضمين وثائق وإحصائيات خاصة بحركة المسرح الليبي خلال تلك الفترة.
المسرح الأمازيغي:
قد يتبادر للوهلة الأولى أن المسرح الأمازيغي جاء متأخراً بعد انتفاضة 17 فبراير في 2011 إلا أنه وفي الحقيقة فهو يرجع إلى حقبة زمنية ضاربة بجذورها في أعماق التاريخ القديم. وقد يعبر البعض، وبحيادية، عن وقع المسرح على الشعب الليبي بأنه:”في ليبيا للمسرح مكانة مرموقة ومميزة عن بقية المجالات الفنية إذ كان ركيزة لحضارات قديمة عدة شهدتها البلاد و هو ما يظهر في انتشار المسارح في عدة مدن كلبدة و قورينا و غيرها ” (2)،وهذه القراءة الهادئة والنيرة والنظرة المتأنية تدفعنا للمراجعة والبحث في تاريخ المسرح الليبي.
حسب ما تذكره المصادر التاريخية بأن النص لأول مسرحية هو الحمار الذهبي وهي للكاتب الأمازيغي لوكيوس أبوليوس أو أفولاي. إلا أن الانقطاع الذي شهدته السلسلة التاريخية للمسرح الأمازيغي القديم والذي تشهد عليه المسارح الراسخة على الأرض الليبية فلا يمكن أن يتم استيراد كتبة نصوصه المسرحية وممثليه بدون أن يكون من ضمنهم أمازيغ سواء كانوا من كتبة النصوص بالأمازيغية أو بغيرها من اللغات الوافدة إلى ليبيا، أو كانوا ممثلين، ولو كمبارس! أو من مصممي ديكور أو موسيقيين أو رسامين! وفي النهاية لا يمكن أن يتم استجلاب جمهور من دول بعيدة لمشاهدة العروض المسرحية وعلى مسارح مبنية على الأرض الليبية!!! فلا بدأ أن تكون غالبية الجمهور في الماضي أمازيغ ولو اختلطت بهم بعض العرقيات الأخرى بحكم موقع ليبيا وحركة بعض التجمعات البشرية المتنقلة بدافع التجارة أو الهروب من المجاعات والحروب والكوارث الطبيعية.
_______________
(1) عبد الحميد الصادق المجراب، “المسرح الليبي في نصف قرن ..1928 – 1978″، دار الفكر الجديد، 2007.
(2) لبنى العوامي، ” المسرح الليبي في الإنعاش”، موقع ليبيا المحلية (ل م)، 8-09-2016 .
مستقبل المسرح في ليبيا!
أقل ما يمكن القيام به لإحياء اليوم العالمي للمسرح في ليبيا هو التقاء ثلة من المهتمين الوطنيين بالمسرح كُتاب وممثلين ومخرجين وذلك للوقوف عند ما آل إليه المسرح في ليبيا من وهن، وربما وانهيار سببه إحادية فكر النظام السابق وعبث المراهقة السياسية اليوم. على المهتمين بالمسرح النظر فيما يصبو إليه الشعب الليبي من تطلعات أفضل وأرقى للحركة المسرحية ومستقبل واعد يرتقي بالذوق الليبي والحس الإنساني عند الجمهور الليبي. ومن هذا المنطلق يسعى المركز الليبي للدراسات الأمازيغية وبالاشتراك مع الهيئة العامة للخيالة والمسرح والفنون لأحياء هذا اليوم وذلك بدعوة المهتمين بالمسرح الليبي لمناقشة تاريخ ومستقبل المسرح في ليبيا مع والوقوف عند تجربة العرض المسرحي بالأمازيغية بعد التحرير.
الكاتب يتفق ويتوافق مع ما تنقله الاستاذة لبنى العوامي (1) عن العمروني بشأن حالة المسرح الليبي ما بعد 2011 :” المسرح الليبي في السنوات الخمس الأخيرة مر بظروف أصعب من التي كان عليها قبل 2011 كما أن الدولة لا تقدم أي نوع من أنواع الدعم للمسرح وأغلب المسؤولين ليست لهم علاقة وطيدة بأبي الفنون ولا يعترفون بأهميته وقيمته في إثراء ثقافة المجتمع والمسرح فلطالما كان المسرح مهشما لذا المسؤول الليبي على مدى المراحل التاريخية التي مرت بها البلاد”.
مع تحرر المسرح الليبي، بعد 2011، من ربق العبودية للرقابة الأمنية التي فرضها النظام السابق إلا أنه ظل الصراع السياسي الحربي وغياب المسؤولية تجاه المسرح من جانب أصحاب السلطة من أبرز المعوقات للحركة المسرحية في ليبيا، ولو أنه شهد بعض محاولات، في مجملها فردية، البعث والتجديد وخاصة بالمسرح الأمازيغي.
قد يكون الخروج بالمسرح إلى الخارج أحدى وسائل تطوير المسرح عامل مساعد فقط إلا أنه عندما يتم “بإقامة العلاقات مع الخبراء الدوليين لزيادة وصول الجمهور إلى الفنون في ليبيا وتوفير الفرصة لطلاب الفنون المسرحية الليبيين كي
_______________
(1) مصدر سابق.
يعملوا مع مدير مسرح خارجي بريطاني مرموق” (1) فقد يكون هذا مدعاة لإعادة النظر والتمحيص.
فالسؤال الذي يطرح نفسه على جميع الليبيين والليبيات: هل الخبراء الدوليين أكثر خبرة بمزاج الجمهور الليبي لمساعدته للوصول إلى الفنون في ليبيا؟ وقد يتبعه ذلك بسؤال أخر هل بالفعل لا يوجد بليبيا خبرات في المسرح لدرجة الحاجة إلى مدير مسرح خارجي بريطاني؟! بالتأكيد سيكون ذلك إجحاف في حق الشعب الليبي التحول من غياب شبه تام لصناعة مسرح ليبي وطني إلى استيراد مخرجين للارتقاء بالمسرح في ليبيا !!!
التحديات تواجه المسرح الليبي:
يفترض ان تتغير التحديات التي تواجه المسرح الليبي حسب الظروف التي يعيشها إلا أنه وفي المرحلة الأخيرة وبعد انتفاضة 17 فبراير بدأت تتكرر الإشكاليات فبعض العقبات تعرض إلى سردها في السابق الأستاذ/ عبدالمجيد المجراب (2). الواضح أن المسرح الليبي يحتاج إلى وقفة جادة من المسؤولين للانطلاقة من جديد وبروح تجديدية لإشباع حاجات ومتطلبات الإنسان المعاصر من قيم باتت تبهت في حياته نتيجة للوقع السريع لها وولوجه عالم من الفضاءات الافتراضية للعلاقات الاجتماعية. كذلك من التحديات ما تفرزه التكنولوجيا من تقنيات قد تكون عامل مساعد لتوظيفها لخدمة المسرح الليبي، أما بما قد تلقيه بظلالها على الحياة المعاصرة فتتسرب منه إشكاليات اجتماعية وأخلاقية قيمية قد تصبح مادة خام تحرك أقلام كتاب المسرح، أو ما تضيفه من خدمات تقنية على تجهيزات وإعداد المسرح لظهوره بلوحات فنية، تخدم العرض المسرحي، ترسمها خيوط إشعاعات العرض الضوئي.
_______________
(1) مشروع مسرح الشارع الليبي، موقع المجلس الثقافي البريطاني العالمي، منظمة المملكة المتحدة الدولية للعلاقات الثقافية والفرص التعليمية. جمعية خيرية مسجلة تحت رقم 209131 (إنجلترا وويلز) وSC03773 (اسكتلندا)، 2018.
(2) راجع صفحات المصدر السابق من 226 إلى 242 .
الخلاصة والتوصيات:
لا يمكن غض الطرف عن الوضع المأساوي الذي يعيشه المسرح الليبي إلا أنه علينا جميعا أن نخلق عندنا الإرادة الكافية والاستجابة للتحديات التي تواجه المسرح الليبي ليلعب دوره الطبيعي والمطلوب وبحيث أن يسهم المسرح في الخروج بليبيا من أزمتها ويضعها على قضبان سكة الحضارة والتقدم. لذلك فنوصي بالأتي:
- مع الحرص على استقلالية المسرح يجب أن يلقى كل الدعم غير المشروط من الحكومة والرعاة المستقلين.
- من خلال تفعيل العمل النقابي يجب صياغة مسودة ميثاق شرف، أو تجديده إن وجد، لكل من يريد ولوج ميدان المسرح الليبيي.
- المسرح الأمازيغي قيمة مضافة لفضاء الثقافي في ليبيا لذلك يظل الاهتمام به مسؤولية وواجب وطني.
المراجع:
(1) خالد الرفاعي، ” المسرح في ليبيا.. تأسيس عريق وحاضر راكد”، العين الأخبارية، 8 أبريل 2016.
(2) الصيد أبوديب، ” الأدب المسرحي في ليبيا”، بلد الطيوب، نشرت في طيوب المقالة، 10 نوفمبر، 2012 .
(3) ( )، “المسرح في ليبيا: استذكار راحلين”، العربي الجديد، طرابلس، 27 مارس 2017.
(4) حسن قرفال، “المسرح في ليبيا بدأ 1908 “، منتدى الثقافة العامة ، إشراف أدهم المسلماني، فرقة هواة التمثل درنه، 3 أكتوبر 2009 .
(5) عبد الحميد الصادق المجراب، “”المسرح الليبي في نصف قرن ..1928 – 1978″، دار الفكر الجديد، 2007.
(6) لبنى العوامي، ” المسرح الليبي في الإنعاش”، موقع ليبيا المحلية (ل م)، 8-09-2016 .
(7) مشروع مسرح الشارع الليبي، موقع المجلس الثقافي البريطاني العالمي، منظمة المملكة المتحدة الدولية للعلاقات الثقافية والفرص التعليمية. جمعية خيرية مسجلة تحت رقم 209131 (إنجلترا وويلز) وSC03773 (اسكتلندا)، 2018.