ندوة حول الكتابة النسوية بتيفيناغ في صحراء-ليبيا
تملايمت غف تيرا ن تيسدنان س تيفيناغ ق تينيري-ليبيا
ⵜⵎⵍⴰⵉⵎⵜ ⵖⴼ ⵜⵉⵔⴰ ⵏ ⵜⵉⵙⴷⵏⴰⵏ ⵙ ⵜⵉⴼⵉⵏⵇⵖ ⴳ ⵜⵉⵏⵉⵔⵉ – ⵍⵉⴱⵢⴰ
كلمة مدير المركز:
ⵜⴰⵏⵎⵉⵔⵜ ⴼ ⵎⴰⵏⵜ ⵉⴻⵓⵙⴷ ⴰⵍⵜⵎⵍⴰⵢⵎⵜ ⴰⵏⵖ
ستما أيتما .. نتيجة لغياب الدعم لم يتسنى للمركز الليبي للدراسات الأمازيغية السنة الماضية عقد الندوة بعنوان: “: الكتابة النسوية بتيفيناغ في صحراء-ليبياⵜⵎⵍⴰⵉⵎⵜ ⵖⴼ ⵜⵉⵔⴰ ⵏ ⵜⵉⵙⴷⵏⴰⵏ ⵙ ⵜⵉⴼⵉⵏⵇⵖ ⴳ ⵜⵉⵏⵉⵔⵉ – ⵍⵉⴱⵢⴰ ” لذلك سيحرص المركز على إحياء مناسبة اليوم العالمي للغة الأم الذي حددته منظمة الثقافة والتربية والعلوم (اليونسكو) في 21 فبراير، يعقد هذه الندوة
تانميرت ف مانت يوسد لمتملايمت نغ
الشكر لكل من حضر فعاليات الندوة لأحياء اليوم العالمي للغة الأم: الهيئة العامة للثقافة ، المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا، المركز الوطني لدعم القرار ، مجمع اللغة العربية، مركز البحوث والدراسات الأفريقية،
الشكر الجزيل موصول للجنة الوطنية للتربية والعلوم والثقافة وإلى إدارة الشؤون الإدارية والمالية بالهيئة ولقسم الأعلام بالهيئة..
دور المرأة تمازيغيت في الحفاظ على الكتابة بتيفيناغ
فتحي سالم أبوزخار
المركز الليبي للدراسات الأمازيغية
ⴰⵎⵎⴰⵙ ⴰⵍⵉⴱⵉ ⵉ ⵜⵉⵣⵔⴰⵡⵉⵏⵏ ⵜⵎⴰⵣⵉⵖⵜ
المستخلص:
لقد لعبت الصحراء الليبية دورا مهما في الحفاظ على الموروث الليبي من كتابات (تيرا) تمازيغيت بتيفيناغ وباتت صخورها وجبالها متحفا تاريخيا مفتوحا للكتابة بتيفيناغ ومزارا للبُحاث والمهتمين بتاريخ كتابة تمازيغيت .. إلا أن النساء الأمازيغيات عموما حفظن تيفيناغ في منسوجاتهم الصوفية وفي وشمهن إلا أن تموهاقت .. تمازيغيت في تينيري لعبت الدور الأكبر والأهم في حفظ أسرار وكهنوتية الكتابة بتيفيناغ. لذلك وضمن نشاط إحياء اليوم العالمي للغة الأم ستناقش هذه الورقة وكمحور أساسي دور المرأة في الحفاظ على تيفيناغ. كذلك ستقدم فرشة مبسطة بما تتميز به لغة تماهقت باللهجة الصحراوية أو تمازيغيت باللهجة الشمالية في العموم، وستحاول الأجابة عن سؤال مهم: أين مكان ودور المرأة في ذلك التميز. وسيسبق ذلك تقديم عام عن كهنوتية الحرف إجمالاً، والنظر إلى أين أحرف تيفيناغ من هذه الكهنوتية تحديدا؟ وستختم الورقة بمحاولة الإجابة عن السؤال الأهم: هل لعبت المرأة تمازيغيت في تينيري الدور الأكبر في حفظ نصوص تيفيناغ؟
المقدمة:
يعتبر يوم 12 فبراير 1952 يوما مهما في التاريخ الإنساني الحديث. فبعد أن تجرأت شرطة دكا عاصمة بنغلاديش بإطلاق النار على الطلبة المتظاهرين والمطالبين الاعتراف بلغتهم الأم البنغالية في ظل دولة باكستان ، والتي فرضت على إقليم باكستان الشرقية البنغالي اللغة الأوردية التي لم تكن لغتهم الأم. لا أحد يستطيع أن ينكر التوظيف السياسي للحدث وما ترتب عليه في المستقبل من انفصال بنغلاديش الشرقية عن باكستان الحالية، ولكن يظل من الجانب الإنساني أن التعدي على مجموعة من الطلاب ذنبهم الوحيد أنهم يطالبون بلغتهم الأم فهذا ما لا يقبله أي إنسان عاقل ومحايد!
التوظيف السياسي لحقوق الإنسان قد يتشعب ويأخذ عدة أوجه ويتلون بعدة ألوان حسب التوجهات السياسية. فمن الألوان ما هو يكون ظاهرا للعيان وكثيرا منها ما هو مدفون ومدسوس تحت الشعارات الحقوقية ولا يعي حقيقته إلا رواد المطابخ السياسية. ولكن بافتراض حسن النية سنجد أن استجابة اليونسكو لما حصل من ظلم صارخ للطلبة البنغاليين المتظاهرين في 21 فبراير 1952 بدكا ، بعد أن أطلقت النار الشرطة التابعة لحكومة باكستان على الطلبة المطالبين بالاعتراف بلغتهم الأم البنغالية، ما هو إلا عمل إنساني حقوقي. فمن ناحية تاريخية تعود احداث تظاهرة الطلبة البنغلاديش في دكا عاصمتهم إلى سنة 1948 عندما فرض محمد على جناح، مؤسس جمهورية على جمهورية باكستان بشطريها الشرقي والغربي، اللغة الأوردية كلغة وطنية وحيدة، دون إي اعتبار إلى اللغات والعرقيات الأخرى، لأغلب العرقيات الباكستانية.
حبا الله ليبيا بتنوع لغوي وثقافي سيكون دائما إضافة إلى المخزون الثقافي للأمة الليبية. ومن بين اللغات تمازبغت، إضافة إلى العربية والتباوية وغيرها، والتي تعتبر اللغة الأم لشرائح واسعة من الساكنة بالدولة الليبية. لذلك ارتأى المركز الليبي للدراسات الأمازيغية أن يرسم ضمن مشروع خارطة نشاطاته العلمية لهذه السنة أحياء اليوم العالمي للغة الأم وذلك بالتعاون والتنسيق مع اللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم. وذلك في محاولة من المركز لخلق فرصة لانتشال بعض النصوص النسوية المدفونة في تينيري (الصحراء) الليبية بعد دراستها وتمحيصها وسبر أغوارها وعرضها في ندوة علمية تحت عنوان: الكتابة النسوية بتيفيناغ في صحراء ليبيا .. تيرا ن تيسدنان س تيفيناغ ق تينيري ليبيا . قد يكون من المهم أن نتفق على تعريف للكتابة قبل الاسترسال في دراستنا بأنها: “القبض على الكلام المنطوق وإثباته، وهو التعبير الخطي عن اللغة بصورة تسجيلية على شكل رموز وإشارات لها معان محددة ، وهي من مبدعات الفكر الإنساني، أما اللغة فهي أصوات تصاغ بوساطتها الكلمات لنعبر من “(1).
كما وسنولي لإسهامات المرأة تمازيغيت المتميز في صون أحرف تيفيناغ في منسوجاتها وزينتها بالوشم. وستكون الندوة فرصة لمن وقعت أيديهم على كتابات من الموروث النسوي في تينيري لعرض مشاركاتهم ضمن فعاليات هذه الندوة.
______________
(1) موقع دراسة في أصل ونشأة الأبجدية، 15 مايو 2008 .
قد يكون من المسلمات بأن أحرف الكتابة حافظ عليها الكهنة بأديرتهم ورجال الدين في معابدهم، وقد تضع هذا المسلمات أحرف تيفيناغ ضمن الحروف الخاضعة لهذه القاعدة المقبولة إلى حد بعيد، لذلك سنفرد عنوان خاصة بكهنوتية أحرف تيفيناغ من عدمها!
الحروف والكهنوت وتيفيناغ:
إذا حاولنا النظر في تاريخ الكتابة فربما سنجد أنفسنا أمام نظريات متعددة قد تتفق في حرص رجال الدين على الكتابة. ولكن ما تذكرة دراسة بحثية(1) في نشأة الأبجدية بأنه توجد ” فترة ممهدة للكتابة كانت مع نشأة الزراعة ، وتربية المواشي والاستقرار” (2) وهذا قد يتوافق مع ما نتوقعه من دور لرجال الدين أو المرأة في حفظ النصوص المكتوبة. صحيح الاستقرار والتمدن له الدور الأساس في التمهيد للكتابة ولكننا نعرف أيضا بأن هناك نظريات تقول بأنه مع بدء مراحل التطور الحياتي الحضاري وفي مرحلة مبكرة من بعد قطاف الثمار والتحول إلى الصيد لازمت المرأة رعاية الأطفال وإدارة شؤون البيت مما دفعها إلى ابتكار الزراعة، التي تنسب أحيانا إلى بلاد الرافيدين. وقد يتوافق ذلك مع التمهيد للكتابة والزراعة مع ما يؤكد نظرية دور المرأة في الكتابة بتيفيناغ في صحراء ليبيا. وستظل نفحات الكهنة والعباد في صوامعهم قائمة ولها دلالاتها في حفظ أسرار الكتابة.
قد يتفق الكثير من البحاث بأن بدايات الكتابة اعتمدت الرسم للصورة بشكل كامل ثم تحولت إلى اختزال بعض الأجزاء من الصورة فقد “كانت الصورة واضحة ثم مالت إلى التحويل والاختزال كما في الكتابة الديموطقية ” (3) الشعبية أو الهيراطيقية أي المقدسة (4).
_______________
(1) المصدر السابق .
(2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق.
(4) مرداد مسعودي/ بواسطة سهيل بشروئي، ” تراثنا الروحي: من بدايات التاريخ إلى الأديان المعاصرة”، دار الساقي.
وربما اعتمدت المسامير في نقش الحروف وبهذا كانت نظرية الكتابة المسمارية والتي يرجع اكتشافها إلى ” العالم الانكليزي ( هنري رولنسون ) عام 1847 م في موقع بهيستون صخرة مكتوب عليها كتابات مسمارية بلغات ثلاث ( أشورية – بابلية – فارسية ) وتمكن من تفسيرها ” (1). وبغض النظر عن نسبة الحروف للمصريين أو السومريين فأن التصوير والنقش هما سمات الكتابة في بداياتها. وهناك من يرى بأن نفس التطور حصل بأمريكا الوسطى “فقد يسر تطور الكتابة الهيروغرفيه لكهنة وحكماء أمريكا الوسطي الحفاظ على حكمة أسلافهم وصونها في مخطوطات ملونه ونقوش في المعابد وغيرها من الأدوات الفنية والأثرية” (2).
مع أن بعض المصادر (3) ترجح بداية الكتابة الهيروغليفية إلى 3200 سنة قبل الميلاد إلا أنها تذكر أيضا بأن هذه الكتابة أسماها اليونانيون هيروجليفيكا جراماتيكا والتي تعني حفر الحروف المقدسة (4). فيظل من الصعب فك الكهنوتية عن الكتابة بأي حروف، وهذا يؤكده ما ” أعتقد امصريون القدماء أن الكتابة أخترعها الإله (تحوت Thoth) ولهذا سميت بالهيروغليفية والتي تعني (كلمات الإله)” (5) وذلك لعدة أسباب بمكن تلخيصها فيما يلي:
- الحرص على حفظ النص الإلهي المقدس من التزوير.
- الاستئثار بتفاصيل طقوس وقواعد الزواج والطلاق والميراث.
- محاباة السلطة في حفظ دواوين السلطان وأملاك الأغنياء قبل الفقراء.
_______________
(1) مرجع سابق.
(2) مرجع سابق.
(3) مرجع سابق.
(4) مرجع سابق.
(5) ترجمة عبداللطيف رانجي، “تطور الكتابة الهيروغليفية عبر التاريخ .. نعود إلى البدايات “، تدقيق علمي César Hakimeh، نشرFahed S. Al Kerdi .
- دخول بعض رجال عالم العلوم الطبيعية والإنسانية فجعلهم أكثر التصاقا بالحروف والكتابة أما بدافع رفض ما يتناقض مع الدين، وهذه في العموم، أو البحث في الملوك الإلهي وفي اسرار النواميس الكونية التي تخضع لها الطبيعة.
ولكن يظل السؤال قائما هل تيفيناغ مرت بمرحلة الرعاية الكهنوتية واستئثار رجال الدين بالحفاظ عليها وصونها ، وغير مستبعد، قبل أن تستلم المرأة مهمة حفظ أسرار وأساطير لغة تمازيغيت؟ قبل أن نجيب على هذا السؤال الملح في دراستنا سنحاول أن نلقي بعض الضوء على الكتابة بتيفيناغ، وما لها من خصوصية مقارنة مع غيرها من الحروف. مع التأكيد على أن أبجدية تيفيناغ أصيلة “وتعتبر تلك الأبجدية أصيلة حيث أنها لم يعتمد شعبها على كتابة سابقة، فلم تكن تطويرًا من أخرى.”(1).
خصوصية تيفيناغ:
يظل من الصعب تحديد شعب بعينة أو أمة بعينها كان لهم السبق في اختراع الكتابة ولكن بالتأكيد الإسهام كان من عدة تجمعات بشرية وشعوب، ولكن ما يمكن قبوله أنه، وحسب موسوعة الوكيبيديا، بدأ الصينيون طباعة النصوص المكتوبة 200 ميلادية وذلك من خلال نقوش بارزة فوق ألواح خشبية. ومع أن تاريخ الكتابة في حد ذاته يرجع ربما إلى آلاف السنين ، أما بالنسبة للتيفيناغ فيرجع إلى 5 آلاف سنة قبل الميلاد . وبعيدا عن بعض الرافضين للتيفيناغ لنظرتهم بأهمية استخدام الحرف اللاتيني، وقد تكون قاصرة، ورؤيتهم بأن “تطور حرف تيفيناغ إلى النظام الفينيقي والفينيقي إلى اليوناني واليوناني إلى اللاتيني ” (2) وخوفهم المبالغ فيه وغير المبرر بأن “حرف تيفيناغ جمد الأمازيغية وخنقها وكاد يقتلها، ” (3).
_______________
(1) رقية شتيوي، ” تطور الكتابة : كيف تطورت الكتابة على مر العصور ؟”، تسعة، 8 ديسمبر 2016.
(2) عبد الغاني بوشوار، الحرف اللاتيني هو الحل لكتابة الامازيغية: أبجدية تيفيناغ الأمازيغية إلى أين؟”، أهل القرآن، 20 فبراير 2014.
(3) المرجع السابق.
إلا أنه ما يمكننا الجزم به هو استعرض بعض الخصائص أو المميزات التي تتميز بها بعض اللغات. وفي هذا الخصوص يستعرض الكاتب عبدالله الحلوي (1) بعض ما يميز
حروف تيفيناغ عن غيرها من الحروف مقارنة مع لغات، أو بالأحرى كتابات، العالم، والتي نضيف إليها بعض النقاط ونجملها في النقاط التالية:
- تستقل أحرف تيفيناغ بإنتاجيتها مقارنة مع العديد من الحروف الأخرى. فنجد أن الحروف العربية من الأرامية واللاتينية مشتقة من الفنيقية و القبطي مشتق من اليوناني . فحروف تيفيناغ ترجع في صنعها وتطويرها إلى أهلها الآمازيغ على الساحل وبالجبال والصحراء.
- تعبر تيفيناغ بدقة عن الصوت المنطوق للغة تماهقت، تمازيغيت، فما يكتب هو إلى حد بعيد ما ينطق بعكس الإنجليزية والفرنسية. فدرجة الدقة تفرق بين ياز (ⵣ) المرققة وياز (ç) المفخمة.
- لا يتغير حرف تيفيناغ شكله حسب موقعه، كما في العربية والأنجليزية. أو بداية كتابة أسم العلم كما في الأنجليزية.
- الأشكال الهندسية لأحرف تيفيناغ تجعلها مرنة في الكتابة من اليمين إلى الشمال أو العكس، وحتى من فوق إلى أسفل.
- أدخلت المرأة تيفيناغ بشكل لا يستهان به في حياتها اليومية فاستخدمتها في السجاد ومنسوجاتها الصوفية وفي زينتها بوشم الوجه واليدين.
- وظفت تيفيناغ كدليل إرشادي في الصحراء وقد بين الباحث/ وفنايط الكوني بعد قراءة لنصوص بصحراء ليبيا بأنه استخدمت تيفيناغ لتوجيه القوافل بالصحراء إلى منابع الماء (2).
_______________
(1) عبدالله الحلوي، “معجزة الأبجدية الأمازيغية تيفيناغ .. أحد أعرق الأبجديات في العالم “، البوابة الأمازيغية، 2015.
(2) وفنايط الكوني، ” ولدت الأبجدية في مصر تصويرية فطورت في ليبيا إلى حروف التيفيناغ” ندوة بعنوان: اللغة الأمازيغية من الشفاهة إلى الكتابة، المركز الليبي للدراسات الأمازيغية، طرابلس-ليبيا، 25 فبراير 2017.
مع وجود أثار تيفيناغ على رقعة واسعة من أرض تامزغا إلا أنه تفردت تينيري الصحراء الليبية بأخذ نصيب وافر من تلك النقوش. لذلك سنفرد عنوان يربط بين تينيري وتيفيناغ.
تيفيناغ والصحراء:
قد نتفق بأن عزلة الصحراء لعبت دورا في الحفاظ على تيفيناغ تمازيغيت فكما تذكر موسوعة الجزيرة بأنه أكدت: ” الدراسات الأركيولوجية التي أجريت في منطقة الصحراء الكبرى وشمال أفريقيا أن أبجدية تيفيناغ وُجدت في فضاء الطوارق منذ عام 93 قبل الميلاد، وتشهد على ذلك نقوش وتحف عُثر عليها وتبين من تفكيك رموزها أن تيفيناغ كانت تستخدم أساسا في تدوين الرسائل الغرامية وشهادات الإعجاب بين المتحابين، كما استُخدمت في أداء الشعائر الدينية.” (1). ومن هنا نلاحظ الخيط الرابط بين تيفيناغ والكهنة والنساء تيموهاقت. ويظل ما يحتفظ به المتحف البريطاني من لوح بعد أن ” اكتشفوا منقوشا في تونس يسمى بمنقوش توڭا محفوظ إلى اليوم بالمتحف البريطاني تظهر فيه نصوص بالفينيقية إلى جوار نصوص بحرف
الشكل رقم (1): نقش امازيغي بحروف تيفيناغ يعود لقرون قبل الميلاد يوجد بمنطقة اكاكوس
_______________
(1) المرجع السابق.
تيفيناغ” (1) . كما وأن الصحراء ما زالت تزخر بنقوش تيفيناغ يعد عمرها إلى قرون قبل الميلاد. أنظر الشكل رقم (1) بالصفحة السابقة.
نعم باتت الصحراء الليبية، وكجزء من الصحراء الكبرى، مسرحا مفتوحا لنصوص تيفيناغ. وربما بعيدا على العبث والدمار الذي لحق بالسواحل والجبال ونتيجة للطهر والعذرية التي تعيشها الصحراء فقد حافظت على مكنوزاتها من أسرار بتيفيناغ.
ومع وجود الشواهد المبرهنة على الدور الذي لعبته المرأة، والذي لا يستهان به، في حفظ وصون تيفيناغ، والتي يمكن عرضها على النحو التالي:
- توجد على منسوجات البسط والمفروشات بعض أحرف تيفيناغ، أنظر الملحق رقم (1) (2).
- توجد بعض النقوش التي تسمى “تيمنكاش” على العباءات النسائية والرجالية، أنظر الملحق رقم (1).
- الكثير من الوشم التي تتزين به المرأة تمازيغيت أو تموهاقت هي أحرف تيفيناغ، أنظر الملحق رقم (2).
- النصوص المحفوظة مع نساء تينري ومكتوبة بتيفيناغ دليل واضح وصارخ بشأن الحفاظ على تيفيناغ، أنظر الملحق رقم (3).
ومع كل ما تقدم إلا أن هناك ضبابية تغشى حقيقة الاعتراف بما للمرأة تماهقت أو تمازيغت من دور في الحفاظ على تيفيناغ. وقد يرجع هذا لانتشار الثقافة الذكورية التي غزت ليبيا والكثير من الدول الأسلامية. وربما في العنوان الفرعي الأخير ما يدل على ذلك!
_______________
(1) المرجع السابق.
لماذا سأتعسف أنا على التاريخ وأبحث عن كاتبات لم يوجدن؟
الكلمات أعلاه للدكتورة زهرة الجلاصبي(1) استعرضتها في حلقة إذاعية قدمتها المذيعة خديجه قنو (2) على قناة الجزيرة . وتعمد الكاتب أن تكون عنوان فرعي ضمن ورقة المركز فلا يُستغرب وجود الكثير من الأمازيغيات اللاتي يجتررن مثل هذه الكلمات لجهلهن بتاريخ جداتهن.
تطرح اليوم من خلال المنظومة الثقافية العربية في ليبيا ودول شمال أفريقيا والشرق الأوسط تساؤلات عن تحول المرأة من موضوع للغة يشرعن فيه الذكر حق الاستخفاف بالمرأة وأهانتها بل والتعدي على خصوصيتها إلى أن تبادر المرأة بحيث تكون هي أداة فعل تستخدم فيها اللغة، عربية أو غيرها، لتدافع عن حقوقها وتبدع
وتُنظر بل وترصد أخطاء الرجل الفحل وتوجهه في الاتجاه الصحيح! وتؤكد على د. زهرة الجلاصبي حين تذكر بأن: ” وظيفة الكتابة هي بالأساس وظيفة رجالية، لأن منطق توزيع الأدوار في مجتمعاتنا الأبوية اقتضى أن يكون يعني فعل الثقافة والكتابة إلى غير ذلك من اختصاص الرجل، يعني المرأة تبدع.. تُبدع في مجال الإنجاب، في توضيب البيت، إذاً منطق كامل في توزيع الأدوار، والدليل على ذلك أن المدينة من مدينة أفلاطون إلى الفارابي إلى إخوان الصفا لا مكان فيها للنساء، ” (3).
من وجهة نظر الباحث أن هذه الاسقاط المستمدة من الركن الذكوري في الثقافة أو البيئة العربية والتي ألقت بظلالها على المورث النسوي الليبي بحيث تداخلت وتمازجت المفاهيم فغاب حضور المرأة الصحراوية الليبية في الكتابة النسوية. وما
_______________
(1) خديجة بن قنة، “الكتابة النسائية .. لغتها وخصائصها ومستقبلها “، حلقة منشورة على موقع قناة الجزيرة تستضيف الإعلامية خديجة بن قنة د.يمنى العيد: كاتبة وناقدة لبنانية – د. زهرة الجلاصي: أستاذة وباحثة – جامعة القيروان – د. رضوى عاشور: ناقدة وروائية مصرية ، 18 فبراير 2002.
(2) تقدم الإعلامية خديجة بن قنة في حلقة حول الانتقال من عباءة شهرزاد إلى صالون مي زيادة وتنقل عن محمود درويش وهو يتحدث عن الأنثى بلغة الفحل الذكر وهو يقول :” فخير الكلام -كما قيل- ما كان لفظه فحلاً ومعناه بكراً ”
(3) مصدر سابق
هذه الفعاليات المتواضعة من المركز ، وبالتعاون مع اللجنة الوطنية لعلوم والثقافة والعلوم، إلا محاولة لعرض دور المرأة الليبية من صحراء ليبيا في الحافظ على سر الكتابة بتيفيناغ وما تتضمنه من أساطير شعبية و تأوهات وجدانية ومعاناة عاطفية.
الخلاصة والتوصيات:
إذا تجرأت الدكتورة زهرة الجلاصبي وقالت على قناة الجزيرة: “لماذا سأتعسف أنا على التاريخ وأبحث عن كاتبات لم يوجدن؟” فمن باب أولى ومن حقنا كمركز للدراسات الأمازيغية أن نبحث في كتابات نسوية بتيفيناغ ضاربة بمدادها في اعماق الصحراء الليبية بل وكثيرٌ من هن لازلن يعشن بين ظهرانينا وقد كتبن ويكتبن بتيفيناغ إلى اليوم. ومن هذا المنطلق، وتأسيسا على ما تقدم نوصي بالآتي:
- استرجاع الثقة في المرأة الليبية وتشجيعها على توظيف الكتابة، وبمختلف اللغات، لتكون الوعاء الحافظ للكثير من إبداعاتها الحرفية والأدبية والثقافية.
- العمل على تجميع النصوص النسوية بتيفيناغ المدفونة في صحراء ليبيا،
والبحث في التراث النسوي بتيفيناغ بالصحراء الليبية وإبرازه للوجود وتضمينه في الثقافة الليبية من خلال المؤسسات التعليمية.
- تحويل التراث النسوي بتيفيناغ إلى مشاريع مسرحية وسينما ونشاطات فنية.
- ضرورة الاستمرارية في البحث والدراسة في تاريخ الكتابة النسوية بتيفيناغ كمحاولة لرصد الدور الحقيقي للمرأة في حفظ أسرار وكهنوتية تيفيناغ.
المراجع:
[1] موقع دراسة في أصل ونشأة الأبجدية، 15 مايو 2008 .
[2] مرداد مسعودي/ بواسطة سهيل بشروئي، ” تراثنا الروحي: من بدايات التاريخ إلى الأديان المعاصرة”، دار الساقي.
[3] رقية شتيوي، ” تطور الكتابة : كيف تطورت الكتابة على مر العصور ؟”، تسعة، 8 ديسمبر 2016.
[4] عبد الغاني بوشوار، الحرف اللاتيني هو الحل لكتابة الامازيغية: أبجدية تيفيناغ الأمازيغية إلى أين؟”، أهل القرآن، 20 فبراير 2014.
[5] عبدالله الحلوي، “معجزة الأبجدية الأمازيغية تيفيناغ .. أحد أعرق الأبجديات في العالم “، البوابة الأمازيغية، 2015.
[6] خديجة بن قنة، “الكتابة النسائية .. لغتها وخصائصها ومستقبلها “، حلقة منشورة على موقع قناة الجزيرة تستضيف الإعلامية خديجة بن قنة د.يمنى العيد: كاتبة وناقدة لبنانية – د. زهرة الجلاصي: أستاذة وباحثة – جامعة القيروان – د. رضوى عاشور: ناقدة وروائية مصرية ، 18 فبراير 2002
[7] وفنايط الكوني، ” ولدت الأبجدية في مصر تصويرية فطورت في ليبيا إلى حروف التيفيناغ” ندوة بعنوان: اللغة الأمازيغية من الشفاهة إلى الكتابة، المركز الليبي للدراسات الأمازيغية، طرابلس-ليبيا، 25 فبراير 2017.