لماذا لغة تامازيغت بدون امتحان
ورقة المركز / تافرا ن أماس / ⵜⴰⴼⵔⴰ ⵏ ⴰⵎⵎⴰⵙ
لماذا لغة تامازيغت بدون امتحان؟
لماتا توتلايت تمازيغت ميديس إلوغما
ⵍⵎⴰⵜⴰ ⵜⵓⵜⵍⵢⵜ ⵜⴰⵎⴰⵣⵉⵖⵜ ⵎⵉⴷⵉⵙ ⵉⵍⵍⵓⵖⵎⴰ
ⴰⵎⵎⴰⵙ ⴰⵍⵉⴱⵉ ⵉ ⵜⵉⵣⵔⴰⵡⵉⵏⵏ ⵜⵎⴰⵣⵉⵖⵜ المركز الليبي للدراسات الأمازيغية
السبت الموافق 13 أكتوبر 2018 / صالة اجتماعات المركز / شارع الطلح خلف مسجد بن نابي منطقة الصريم
بعد الجدل الذي حصل بشأن انعكاسات استبعاد الطلاب الدارسين بالمناطق الأمازيغية من دخول الامتحان في لغة تامازيغت وضمها للمواد التي تقع تحت المجموع ارتأى المركز الليبي للدراسات الأمازيغية ان يقوم بدوره الاستشاري والبحثي بالخصوص وعرض الموضوع على طاولة البحث وبحضور ثلة من المهتمين والأكاديميين للمشاركة في حلقة نقاش علمية للإجابة على السؤال: ” لماذا لغة تامازيغت بدون امتحان؟ ”
توطئة:
للإجابة على سؤال موضوع حلقة النقاش تأتي هذه الورقة كمقدمة لتفتيح النقاش، والذي يتطلب أخذ مسارين: أحدهما قانوني ، والأخر تعليمي تربوي. وستكون البداية بالشق القانوني الذي استند عليه السيد وزير التعليم في ابعاد مقرر لغة تامازيغت من المجموع، والذي قد يراه البعض بأنه جمود على النص وبُعد عن روح القانون. وحيث أن تجربة تدريس تامازيغت تأتي بعد قرون من الإنكار والتهميش والاستبعاد عن البيئة التعليمية في ليبيا فربما يظل قبول تامازيغت تحت المجموع ضعيفا ويحتاج لحوارات معمقة للوقوف إلى جانب نجاح وإنجاح تجربة تدريس تامازيغت المهددة من قبل كُثر ناطقين وغير ناطقين.
الشق القانوني:
أعتمد صدور قانون رقم (18) لسنة 2013 في شأن حقوق المكونات الثقافية واللغوية على الإطلاع على القانون السابق رقم ( 24 ) لسنة 2001 م بشأن منع استخدام غير اللغة العربية في جميع المعاملات، وبحيث تتحقق روح التحرر من منع استخدام لغة تامازيغت تطلب ذلك أولاً الاعتراف بها حسب ما نصت عليه، المادة (1) وتنفيذ ذلك بتعليم لغة تامازيغت من خلال مؤسسات التعليم الأساسية كمقرر اختياري، المادة (2) وتوفير الإمكانيات من معلم وكتاب، المادة (3) والمحافظة على الموروث الثقافي واللغوي ونشره وتطويره وتنميته بالجامعات ومراكز البحث بالتعليم العالي، المادة (5) ودعم ذلك من خلال وزارة الثقافة والمجتمع المدني .
جاء تطبيق القانون رقم (18) بشكل حماسي وعاطفي رداً على خطاب معمر القذافي في 1983″ كلام الجدات وخرافات العجائز، لابد من أن ينتهي..بربر ما بربر، لغة قديمة ما لغة قديمة..” ومخالفا للقانون رقم (24) المانع لاستخدام تامازيغت وفي غمار الفرحة والخوف من الفشل والمعوقين كان الاستعجال فلم يقف أحد عند العبارة (باعتبارها مادة اختيارية). لكن بالتأكيد أتفق جميع التربويين على أن العملية التعليمية الناجحة حلقاتها تتماسك مع بعضها بالتقويم والقياس الحقيقي الجاد.
التقويم والقياس متصل وغير منفصل:
يعتبر التقويم والقياس الحلقة الأخيرة في سلسلة تقييم الأداء للجميع معلم/ة، وطالب/ة، ومدرسة. ومن هنا تبرز أهميته في التعليم إلا أن التقويم لا يتأتى إلا بالقياس ويعتبر بذلك التقويم في إطار المجال العلمي التربوي تحديداً، هو: “بيان قيمة تحصيل الطالب أو مدى تحقيقه لأهداف تربوية معينة.” (1) ولن يكون القياس جاد وحقيقي إلا بتضمينه في المجموع. وعلى ضوء ذلك فإن للتقويم والقياس جملة من الأهداف نلخصها مما أورده م. أمجد قاسم (2) وبوابة الطالب (3) وعلى النحو التالي:
• تحديد الخصائص الشخصية والنفسية والعقلية للإنسان وتصنيفها؛
• الحصول على معلومات محددة تفيد المجتمع بمستوياته كافة: العام والخاص والفردي.
• الاختيار والتصنيف.. وفقاً للمجال المناسب لكل منهم سواء تعلق ذلك بالنواحي العملية أم التعليمية.
• الكشف عن فعالية الجهاز الإداري أو التربوي في البرامج والأقسام العلمية والإدارية وغيرها.
• التعرَّف على المســـــتوى العــلمي للطــــــلاب في المهارات والقدرات الأساسية.
• تمكــــين الأســـــر من الاطــــــلاع على مســـــتويات أبنائهم الطلبة من مصادر معلوماتية متعددة، إضافة إلى التقويم المدرسي.
• تشخيص العملية التعليمية واكتشاف ما تعانيه من مشكلات آنية.
• تزويد المرشدين والمربين بمعــلومات عن التلاميذ؛ تساعدهم في حسن توجيههم تربوياً ومهنياً.
• تحديد مستويات أداء عناصر العملية التربوية: المعلم والكــتاب.. إلخ؛
• تحـديد مـا إذا كانت تتوافر في الفرد الأهلية والشروط اللازمة لتولي مهمة معينة أو الانخراط في عمل معين.
• الاختبارات تعطي المعلمين معلومات قيّمة حول كيفية تحسين عملية التقييم.
• فرصة للتقييم الذاتي فهي فرصة لمقارنة نتائجهم مع النتائج السابقة الخاصة بهم وليس مع الآخرين في الفصل.
• تساعد الامتحانات الطلاب على منحهم شعورا بالرضا بأنهم يحققون الأشياء. يمكن أن تكون الاختبارات محفزة للغاية وتعطي الطلاب إحساسًا بالتقدم.
• تعد الاختبارات فرصة للتعلم .. فيمكن أن تكون التعليقات بعد الاختبار ذات قيمة كبيرة في مساعدة الطالب على فهم شيئًا لم تستطع فعله أثناء الاختبار.
• للاختبارات تأثير إيجابي من حيث أنها تشجع الطلاب على مراجعة المواد.
• تسليط الضوء على المجالات التي يجب التركيز عليها وإخبارهم بما لم يكن فعالا في تعلمهم.
لا يمكن لأحد أن ينكر أهمية دور الامتحانات الجادة والحقيقية في العملية التعليمية فهي تعتبر المقياس الحساس الذي يستطيع المعلم/ة قياس درجة استيعاب الطلاب ومعرفة نقاط الضعف عندهم، فهي بمثابة أدوات التشخيص الحقيقية لما قد يعانيه من قصور في فهم المقرر. وفي هذا الإطار يذكر الأستاذ/ عمر حيمري بأن “لتقويم، يسمح لنا بالتشخيص، والحكم على الطرف المتعلم حكما وصفيا أو كمياً” (4). كذلك يشدد د. أدوارد في مقالته: “أهمية الاختبارات المدرسية في العملية التربوية” الانتباه ” إلى أن عملية التعلم والاختبارات المدرسية عمليتان متلازمتان لا يمكن الفصل بينهما” (5).
______________
(1) د. فرج المبروك عمر عامر، “التقويم والقياس الحديث بين الواقع والمأمول “، 2016، ص 13.
https://books.google.com.ly/books?isbn=9778524637
(2) أمجد قاسم ، “أهمية التقويم التربوي في العملية التعليمية”، أفاق علمية وتربوية ، 31 يناير 2011 .http://al3loom.com/?page_id=2
(3) بوابة الطالب ، “أهمية الامتحانات في عملية التعليم”، . https://eostudy.com
(4) عمر حيمري، ” أهمية التقويم في العملية التعليمية التربوية “، دنيا الوطن، 9/6/ 2011.
(5) د. أدوارد عبيد، “أهمية الاختبارات المدرسية في العملية التربوية” ، 29/1/ 2012 – صحيفة الرأيhttp://alrai.com/article/19543.html
تعزيز الثقة عند طلاب تامازيغت:
في إطار المنافسة الشريفة بالتأكيد تُعزز الامتحانات الجادة والمنصفة من الشعور بالثقة لذا الطلبة الجادين. ولغة تامازيغت، التي عان أهلها ناطقين بها وغير ناطقين من غياب تام عن تعلمها وفرضت منظومة التعليم على الأمازيغ اللغة العربية دونما اختيارها وتخصص فيها بعض الأمازيغ باختيارهم. ها هي اليوم تدرس تامازيغت بعد 2011 وتُعيد الثقة إلى أهلها بتضمينها ضمن المنهج الدراسي ويتنافس طلابها ناطقين وغير ناطقين في تعلمها قراءةً وكتابةً. في هذا الخصوص تنقل الأستاذة منى أبوحمور عن د. منذر سويلمين اختصاصي علم النفس والإرشاد التربوي، ، بأن عملية التحفيز تلعب دورا مهما في “زيادة الدافعية لدى الطلاب، وحث مواهبهم، وتنمية الاتجاهات الفكرية والدراسية لديهم” (1)، ووفقا لما ذكره سويلمين، فإن “توقيع المعلمة، وختم المديرة، وشهادة التقدير، وذكر اسم الطالب على الإذاعة المدرسية كلها عوامل تعزيز وتحفيز تجعل الطالب يشعر بحالة من الرضا، ومن الثقة بالنفس، ومن الاستعداد للاستمرار نحو الأفضل، مؤكدا أن التعزيز لا يقتصر على الطلاب المتفوقين وحدهم، وإنما يشمل الطلاب الذين يحققون تحسنا ملحوظا في الدراسة” (2). لذا فما أحوجنا اليوم جميعا أكاديميين ومثقفين مراجعة قرار السيد وزير التعليم وإقناعه بأهمية استمرار زرع الثقة في نفوس طلاب تامازيغت والعدول عن قراره بإسقاط مقرر تامازيغت من المجموع.
الخلاصة:
صحيح بعد انتصار انتفاضة 2011 فرض النشطاء الأمازيغ تعليم تامازيغت بمناطقهم الناطقة بها قبل صدور قرار المؤتمر الوطني العام رقم (18) بل تم تدريس تامازيغت والحرب قائمة ضد النظام السابق. وتحمسوا لها بعد صدور القرار بدرجة غابت فيها أي تقديرات لأي معوقات قد تصدر عن المنظومة التعليمية السابقة ضد تعليم لغة تامازيغت .. إلا أنه من الواضح أن هناك جانبين مهمين يتطلب منا كباحثين وأكاديميين الوقوف عندهما:
الجانب الأول: قد تكون عبارة (باعتبارها مادة اختيارية ضمن المنهج الدراسي) ضمن المادة (2) بالقانون (18) لسنة 2013 مثار جدل ويمكن قراءتها بأكثر من تفسير إذا ما أُخذ في الاعتبار بأن هناك اتجاهين متضادين :
• اتجاه يرى بأن ظهور تامازيغت والإعلان عنها هو حرب على اللغة والثقافة العربية ويجب إعاقته بأي شكل، ويتفق مع ذلك بعض المتأسلمين ومن يرون بأن تعليم غير اللغة العربية هو تهديد للقرآن وطعن في الإسلام فالعربية لغة المؤمنين وغيرها لغة كفار.
• واتجاه أخر يرى بأن خروج الأمازيغ في 2011 كان لسبب واحد فقط لضمان حقوقهم ورد الاعتبار للغتهم وثقافتهم الأمازيغية بعد الوعي الذي صنعته ثورات الإتصالات، والمعلومات، والحقوق، والتكنولوجيا في العالم.
الجانب الثاني: لا يمكن أن تتصل وتكتمل حلقات العملية التعليمة إلا بالتقويم والقياس الحقيقي ..وتوجد قائمة طويلة من الأهداف للتقويم والقياس كما أسلفنا.
يظل أطراف تسعى للجز بتامازيغت في مستنقع السياسة وخاصة تعيش ليبيا أزمة دستورية ورفض لترسيم لغة تامازيغت وقد لا نستغرب بأن هذه الأطراف المعرقلة هي من أوصل فكرة اسقاط تامازيغت من المجموع إلى السيد وزير التعليم. نأمل مراجعة القرار بما يخدم تماسك النسيج الوطني الذي أهتكه النظام السابق وبتدريس تامازيغت ننسجُ خيوطه من جديد!
___________
(1) منى أبوحمور ، تحفيز الطالب في المدرسة يُشعره بالتميز ويعزز ثقته بنفسه، الغد، 4 / ديسمبر 2013 – http://www.alghad.com/articles/567871
(2) المصدر السابق.